ملخص
تغيب رايات الفصائل الفلسطينية عن مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين اليوم حيث يشهد الدمار على ضراوة المعارك خلال أعوام النزاع الأولى، وتبدو مقرّات الفصائل مقفلة ولا وجود لمسلحين قربها، ويتكرر المشهد قرب مقار معروفة لفصائل عدة في عدد من أحياء دمشق.
غادر قادة فصائل فلسطينية كانت مقربة من النظام السابق في سوريا وتتلقى دعماً من طهران، دمشق، وفق ما أكدت مصادر فلسطينية لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد تضييق السلطات عليهم وتسليم الفصائل سلاحها.
وكانت واشنطن طلبت من السلطات السورية قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ترحيل المنظمات الفلسطينية المتعاونة مع طهران.
في لبنان المجاور، من المقرر أن تبدأ السلطات سحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منتصف يونيو (حزيران) المقبل، بناءً على اتفاق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي زار بيروت زيارة رسمية، وفق ما أفاد مصدر حكومي لبناني وكالة الصحافة الفرنسية.
معظمهم غادر سوريا
وأكد قيادي في فصيل فلسطيني رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق، أن "معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعماً من طهران غادروا دمشق" إلى دول عدة بينها لبنان.
وعدّد القيادي الفلسطيني من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة"، والأمين العام لـ"جبهة النضال الشعبي" في سوريا خالد عبدالمجيد، والأمين العام لحركة "فتح الانتفاضة" زياد الصغير.
وتنضوي تلك الفصائل مع مجموعات أخرى من لبنان والعراق واليمن في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، التي كانت أبرز داعمي الأسد.
وأوضح القيادي ذاته أن قادة الفصائل المعنية "لم يتلقوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرضوا لمحاولات تضييق، وجرت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا عن اعتقال زملائهم"، مضيفاً "باتت تلك الفصائل ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع".
ولم ترد السلطات السورية على طلب وكالة الصحافة الفرنسية التعليق.
استخدام الورقة الفلسطينية
وبدأت سوريا استضافة فلسطينيين منذ عام 1948، أي بعد ما يُعرف بالنكبة، واستقرت قيادة بعض الفصائل الفلسطينية في سوريا منذ منتصف الستينيات. واتهم النظام السوري السابق خلال الأعوام التالية بتغذية الانقسامات داخل الفصائل واستخدام الورقة الفلسطينية لمصالحه السياسية.
وقبل اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، شكلت دمشق قاعدة رئيسة لحركة "حماس"، لكن هذه الأخيرة أقفلت معظم مقراتها في سوريا في العام اللاحق، وغادرت البلاد على خلفية تدهور علاقتها مع النظام السابق ودعمها معارضي الأسد. وانقسم الفلسطينيون على الأرض، خصوصاً في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، بين مؤيد للمعارضة ومؤيد للسلطات، وقاتلوا إلى جانب الطرفين.
دمشق خالية من رايات الفصائل
اليوم، تغيب رايات الفصائل الفلسطينية عن مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين حيث يشهد الدمار على ضراوة المعارك خلال أعوام النزاع الأولى، وتبدو مقرات الفصائل مقفلة ولا وجود لمسلحين قربها، ويتكرر المشهد قرب مقار معروفة لفصائل عدة في عدد من أحياء دمشق.
ويقول علي ناصر، ستيني من سكان المخيم، "لم يبق أحد من الفصائل، جميعها خرج، وحتى سياسياً لم يعد لها دور".
ويؤكد القيادي الفلسطيني أن السلطات السورية الجديدة "صادرت ممتلكات معظم الفصائل، من منازل شخصية ومقرات وسيارات ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى".
ويوضح أن الفصائل "سلمت السلاح الموجود في مقراتها أو لدى كوادرها بالكامل" إلى السلطات التي تسلمت كذلك "قوائم بأسماء من لديه قطع فردية من عناصر الفصائل وطالبت بها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مطاردة وكلاء إيران
وحضت واشنطن التي تصنف فصائل فلسطينية عدة منظمات "إرهابية"، السلطات الجديدة في دمشق، على "منع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية". وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض بـ"ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين"، وفق البيت الأبيض.
وقال مصدر فلسطيني في دمشق إنه بعد إطاحة الأسد "جمعنا أسلحة عناصرنا بأنفسنا وسلمناها... لكننا أبقينا على سلاح فردي خفيف للحماية وليس للقتال، وذلك بموافقة السلطات".
وقال مصدر فلسطيني آخر في دمشق "لا يوجد أي تعاون بين معظم الفصائل الفلسطينية والإدارة السورية" حالياً، مضيفاً أنه "غالباً ما يكون الرد على تواصلنا معها بارداً أو متأخراً، ونشعر أننا ضيوف غير مرحب بنا".
وأعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" في الـ22 من أبريل (نيسان) الماضي أن السلطات السورية اعتقلت اثنين من قادتها، هما مسؤول الساحة السورية خالد خالد ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري.
وقال القيادي في الحركة هيثم أبو الغزلان إنهما ما زالا معتقلين "من دون أسباب مقنعة"، لافتاً إلى "جهود تُبذل على أكثر من صعيد لتأمين الإفراج" عنهما.
وفي الثالث من مايو (أيار) الجاري، أوقفت السلطات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، طلال ناجي، ساعات، وفق ما أفاد مسؤولون في الفصيل حينها.
"فتح" بمنأى عن التضييق
وتبقى حركة "فتح" التي يترأسها محمود عباس، والتي لا وجود نافذاً لها في سوريا، بمنأى عن التضييق، وفق المصادر الفلسطينية.
وكان الرئيس الفلسطيني زار دمشق والتقى الشرع في الـ18 من أبريل.
يُذكر أنه قبل اندلاع النزاع عام 2011، ناهز عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 560 ألف شخص، وفق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ومنحتهم سوريا كل حقوق المواطنة، باستثناء الانتخاب والترشيح، وانخفض عددهم خلال أعوام النزاع إلى 438 ألفاً.
في مخيم اليرموك شبه المقفر، يقول مروان النوار "الفصائل التي وقفت مع النظام البائد، حُسم أمرها تقريباً وغادرت"، ويضيف الموظف المتقاعد، "يبحث الناس اليوم عن حياة كريمة فقط" بعدما "تعبوا من الفصائل الفلسطينية المتناحرة مع النظام (السابق) وضده".
أما في لبنان، فقال مصدر حكومي إنه "اُتفق على بدء خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات تبدأ منتصف يونيو من بيروت وتليها المخيمات الأخرى".
وجاء الاتفاق خلال الاجتماع الأول للجنة مشتركة لمتابعة أوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أعلن الطرفان تشكيلها أول من أمس الأربعاء.
وبناءً على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها.
وكان سلاح الفصائل الفلسطينية عنصراً أساساً في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990).