ملخص
الحرب مستعرة، وتمكن الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه من استعادة محلية ود بندة بولاية غرب كردفان التي كانت تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" أشهراً عدة، بعد معارك قصيرة انتهت بانسحاب الأخيرة من المنطقة باتجاه الأطراف الغربية للولاية.
رفضت الحكومة السودانية اليوم الجمعة الاتهامات الأميركية للجيش باستخدام أسلحة كيماوية في نزاعه المستمر منذ سنتين مع قوات الدعم السريع، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسمها.
وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر في بيان إن هذه "اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق بشأن الأوضاع في السودان"، غداة إعلان واشنطن عن عقوبات تشمل قيوداً على الصادرات الأميركية والتمويل لحكومة السودان.
غارات متواصلة
وبث جنود الجيش مقاطع فيديو توثق دخولهم المدينة ورفع علم السودان على المرافق الرسمية بالمحلية التي تعتبر إحدى النقاط المهمة للدعم اللوجيستي لـ"الدعم السريع" بغرب كردفان، وأوضحت المصادر أن مسيرات ومقاتلات الجيش الحربية تابعت غاراتها الجوية مستهدفة تجمعات ومواقع المسلحين بمدينتي النهود بغرب كردفان والدبيبات جنوبها، وتمكنت من تدمير رتل عسكري وتحييد مجموعات من عناصر "الدعم السريع". ووفق المصادر نفسها، فإن عملية استعادة ود بندة تمهد لتأمين محور كردفان بالكامل، والغارات الجوية هدفها التمهيد لتحرير مدينة النهود وفتح الطريق نحو استكمال السيطرة على الشريط الرابط بين شمال كردفان وغرب دارفور.
كردفان ودارفور
وقال وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر، على منصة "إكس، "إن الحرب ضد ’الدعم السريع‘ ستتواصل وسيتجه الجيش إلى ولايات كردفان ودارفور لاستعادة الأمن والسلام والاستقرار للسكان هناك من دون استهداف أي مكون قبلي".
من جانبه توعد قائد قوات "درع السودان" اللواء أبوعاقلة كيكل بملاحقة "الدعم السريع" المنسحبة من جنوب أم درمان بالعاصمة الخرطوم إلى مدينة بارا بشمال كردفان. وهدد كيكل، في مقطع فيديو من ميدان القتال، بالزحف خلال 48 ساعة نحو مدينة بارا حيث تتمركز قوات كبيرة من "الدعم السريع" ومنها إلى الضعين بولاية شرق دارفور.
مقابر جماعية
وعقب استعادته السيطرة على كامل العاصمة السودانية الخرطوم، تابع الجيش السوداني عمليات تمشيط داخلية في مناطق عدة غرب وجنوب أم درمان بخاصة محيط قرى الجموعية. وأكدت مصادر عسكرية أن قوات الجيش عثرت خلال عمليات التطهير بجنوب أم درمان، على مقابر جماعية تضم رفات عدد من الضحايا الذين احتجزتهم "الدعم السريع" داخل إحدى المدارس بمنطقة الصالحة، حيث بلغ عدد المحتجزين 648 مواطناً، قتل منهم 456 بسبب نقص الغذاء والرعاية الطبية والإهمال الحاد، قبل أن يدفنوا في مقابر جماعية، ضم بعضها أكثر من 27 جثماناً في المقبرة الواحدة، وأوضحت المصادر أن الجيش تمكن كذلك من تحرير عدد كبير من المدنيين والعسكريين المتقاعدين من القوات النظامية، كانت "الدعم السريع" قد اعتقلتهم من منازلهم على خلفية انتماءات عرقية من دون ارتكابهم أي جرائم.
هدوء وحشود
في شمال دارفور شهدت مدينة الفاشر هدوءاً نسبياً حذراً الخميس، مقارنة باليومين الماضيين، باستثناء بعض المناوشات المتقطعة التي حدثت في الفترة المسائية بالمحور الجنوبي للمدينة التي تقاسي من تداعيات تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الحصار المستمر طوال عام كامل. وفي محيط المدينة هاجمت "الدعم السريع" قريتي قولو وشقرا بالريف الغربي للفاشر، مما أدى إلى مقتل ثمانية مواطنين وإصابة نحو 15 آخرين. وأفادت مصادر محلية بأن القوة أحرقت المنازل كافة بالقريتين وطالبت بقية السكان بالمغادرة نحو منطقة طويلة التي تسيطر "حركة تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد نور، ومناطق كورما وشطة الخاضعة لسيطرة "حركة تحرير السودان ــ المجلس الانتقالي" بزعامة الهادي إدريس. وكشفت المصادر عن أن "الدعم السريع" تحشد أعداداً كبيرة من مقاتليها داخل معسكر زمزم والقرى التي أبعدت عنها المواطنين تمهيداً لشن هجوم كبير جديد على المدينة.
ومنذ مايو (أيار) 2024 ظلت "الدعم السريع" تحكم حصارها على الفاشر وتتابع هجماتها للسيطرة عليها.
وصول محدود
وقال بيان للجان مقاومة الفاشر إن "الدعم السريع" ظلت تهدد باقتحام المدينة عاصمة دارفور التاريخية لكنها ستجدها جاهزة ومستعدة عسكرياً ومعنوياً.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان "أوتشا" أن الفرق الإنسانية في شمال دارفور تكثف جهودها لتقديم المساعدات المنقذة للحياة، في ظل أوضاع إنسانية متفاقمة، غير أن إمكان الوصول لا يزال محدوداً بسبب انعدام الأمن والعوائق البيروقراطية. وأشار المكتب الأممي إلى أن وكالات الإغاثة تكافح لتلبية الحاجات الأساسية بالموارد المحدودة المتاحة مما يؤكد الحاجة الملحة إلى دعم وطني ودولي أكبر.
وداع سلامي
وكان الفريق عضو مجلس السيادة الانتقالي نائب القائد العام، شمس الدين كباشي، قد التقى المنسقة الأممية المقيمة والممثلة الخاصة للأمين العام للمنظمة بالسودان كليمنتاين سلامي لمناسبة انتهاء فترة عملها بالبلاد. وأعرب كباشي عن تقدير القيادة السودانية للجهود الكبيرة التي بذلتها سلامي في تقديم الخدمات للمواطنين السودانيين وقرار الوكالات الأممية الأخير بالبقاء ببورتسودان على رغم الهجمات التي تعرضت لها المدينة عبر مسيرات "الدعم السريع"، وأوضح وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين أن المنسقة الأممية أعربت عن تقديرها للتعاون الكبير الذي وجدته من الحكومة خلال فترة عملها.
ضباط دفاع جوي
في الولاية الشمالية شهد اللواء 266 التابع للجيش بمدينة دنقلا عاصمة الولاية تخريج دفعة جديدة من ضباط الدفاع الجوي تحمل الرقم 72، وتضم عدداً من أطقم الدفاع الجوي المؤهلين للقيام بواجباتهم بعد التدريبات المتميزة التي تلقوها. وأكد اللواء عبدالرحمن عبدالحميد والي الشمالية، خلال احتفال التخريج، مضي الجيش قدماً في حماية سماء السودان. وهنأ قائد القطاع اللواء يوسف محمد أحمد أبو شارب الجيش والقوات المساندة بالانتصارات الكبيرة.
الخرطوم تكافح
في العاصمة السودانية وضعت لجنة أمن ولاية الخرطوم حزمة تدابير لمواجهة تحديات مرحلة ما بعد إعلان الولاية خالية من "الدعم السريع". وبحثت اللجنة برئاسة والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، في اجتماعها أمس بحضور المدير العام لقوات الشرطة الفريق خالد حسان، الأوضاع الأمنية والجنائية في الولاية، وثمنت اللجنة النجاحات التي حققتها هيئة الأمن بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم بتنفيذ عمليات نوعية أسفرت عن القبض على عدد من المتعاونين مع "الدعم السريع" وتوقيف متهمين بتزوير العملة وكميات من المنهوبات الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مكافحة الجريمة
وأكد الفريق خالد حسان استعداد رئاسة الشرطة الكامل لتوفير الإمكانات لمكافحة الجريمة وتسهيل عودة المواطنين وتأمين المنشآت العامة والأسواق. ووجه الاجتماع بوضع معالجات عاجلة للحد من الجريمة بخاصة خلال الفترات المسائية، وتعزيز دور الخلية الأمنية، ومعالجة تداعيات انقطاع التيار الكهربائي وتأثيره في الخدمات، وتشديد الرقابة على عملية توزيع الوقود، وناقش المجتمعون الجهود المبذولة للحد من انتشار الإسهالات المائية، مؤكداً ضرورة تأمين مراكز العزل والمرافق الصحية وتكثيف حملات التوعية بأخطار الأمراض الوبائية.
انقطاع الكهرباء والمياه
وفي حين أكملت العاصمة أسبوعاً كاملاً من دون كهرباء مع انقطاع المياه عن أحياء كثيرة، وصل سعر برميل المياه إلى 30 ألف جنيه، نحو 10 دولارات، كما تفاقمت أزمة الوقود، وما زالت فرق شركة الكهرباء تواصل عمليات صيانة المحولات التي تعرضت لقصف الطائرات المسيرة مما تسبب بانقطاع التيار الكهربائي في مختلف أنحاء العاصمة نتيجة استهداف الخط الناقل من سد مروي شمال البلاد إلى ولاية الخرطوم.
وكانت طائرات مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع" قد هاجمت نحو أربع محطات بين أم درمان ومنطقة المرخيات، وتسبب الهجوم في قطع الإمداد عن العاصمة الخرطوم.
على الصعيد الصحي، تحدثت مصادر طبية عن وضع صحي كارثي في أم درمان، حيث استقبل مركز العزل في مستشفى "النو" أكثر من 200 إصابة بالكوليرا مع انتشار واسع للحميات، وحذر ناشطون من تفاقم الأوضاع الصحية بولاية الخرطوم مطالبين بتدخل عاجل من الجهات المتخصصة.
تفشي الكوليرا
وكشفت شبكة "أطباء السودان" عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا إلى أرقام كبيرة بولاية الخرطوم، بسبب استخدام المياه الملوثة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وشح المياه النظيفة، وحذر بيان للشبكة من انتشار وباء الكوليرا بالولاية.
من جانبه أكد المدير العام لوزارة الصحة بولاية الخرطوم الوزير المكلف فتح الرحمن محمد الأمين استقرار تقديم الخدمات الصحية في مختلف مستوياتها بالمستشفيات والمراكز الصحية بولاية الخرطوم. وأوضح الأمين أن مستشفيات "النو" التعليمي و"البلك" للأطفال والمستشفيات والمراكز العاملة بولاية الخرطوم تمكنت من مواجهة تحديات انقطاع التيار الكهربائي. وعقب جولة تفقدية له على عدد من المؤسسات الصحية بمحليات كرري وأم درمان وجبل أولياء، نفى الوزير المكلف ما ذهبت إليه منظمات دولية في شأن حدوث اضطرابات في نظام الرعاية الصحية في مدينة أم درمان على وجه الخصوص.
عقوبات واستنكار
وسط هذه الأجواء، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على الحكومة السودانية "بعد ثبوت استخدامها أسلحة كيماوية عام 2024"، ويتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في السادس من يونيو (حزيران) المقبل. وبحسب بيان للخارجية الأميركية "تشمل العقوبات قيوداً على الصادرات الأميركية إلى السودان، وعلى الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية".
واستنكرت الحكومة السودانية، في المقابل، العقوبات الأميركية ووصفتها بأنها تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق في شأن الأوضاع في البلاد. واتهم خالد الإعيسر الناطق باسم الحكومة واشنطن "بفبركة الاتهامات الأخيرة في شأن استخدام الأسلحة الكيماوية وترويج روايات كاذبة تسعى واشنطن إلى تسويقها دولياً في محاولة جديدة لتضليل الرأي العام"، وندد بالادعاءات الأميركية التي استهدفت مجدداً الجيش السوداني بعد إنجازاته الميدانية.