Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين الضرورة والمخاوف... جدل أردني حول إسقاط المسيرات الإيرانية

مراقبون يؤكدون أن التعامل مع التهديدات يعد دفاعاً مشروعاً عن الدولة ومن حق البلاد التصدي لانتهاك مجالها الجوي

الأجهزة الأمنية الأردنية تتفقد بقايا صاروخ إيراني سقط في إحدى المدن الأردنية (أ ف ب)

ملخص

يعتقد خبراء أمنيون أن من واجب الجيش الأردني حماية المواطنين من الأضرار المحتملة، وأن أي تهديد يخترق الأجواء الأردنية، أياً كانت الجهة، يستوجب الرد الدفاعي من باب حماية السيادة الوطنية.

تصاعد الجدل في الأردن حول الدور الذي يقوم به الجيش الأردني في اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية التي تخترق أجواءه، وسط تباين في المواقف بين من يرى في هذا الإجراء ضرورة لحماية السيادة الوطنية، ومن يعبّر عن قلقه من انخراط غير مباشر في صراع إقليمي لا ناقة للأردن فيه ولا جمل.

وبينما تؤكد المؤسسة العسكرية أن عمليات الاعتراض تأتي ضمن قواعد الاشتباك لحماية الأمن الوطني، تتنامى تساؤلات شعبية حول ضرورة هذا الإجراء من نواح أمنية ومدى الأضرار المترتبة عليه، في ظل تسارع وتيرة المواجهة بين إيران وإسرائيل.

 تهديد جدي أم لا؟

يعتقد خبراء أمنيون أن من واجب الجيش الأردني حماية المواطنين من الأضرار المحتملة، وأن أي تهديد يخترق الأجواء الأردنية، أياً كانت الجهة، يستوجب الرد الدفاعي من باب حماية السيادة الوطنية.

لكن هذه المخاوف قوبلت باستياء بعض الأطراف في الداخل الأردني ممن يخشون أن يؤدي اعتراض الأردن الصواريخ إلى دخوله في المعركة، ومن ثم حدوث تبعات أمنية كاستهداف الأردن من أحد الأطراف، وتحديداً إيران التي يحتفظ معها بعلاقات فاترة، في ظل تعقيد علاقات الأردن الإقليمية.

ويرى مراقبون أن التعامل مع التهديدات يعد دفاعاً مشروعاً ومحسوباً، ويمتثل لسياسات السيادة الوطنية، وهذا الموقف ضمن صلاحيات الدولة ومؤطر دستورياً وسياسياً ولا يخضع لمزاج الشارع.

يأتي ذلك بموازاة تساؤلات حول جاهزية الملاجئ في الأردن، وتوفر أماكن آمنة يمكن اللجوء إليها، بينما يطالب آخرون بإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالبناء، وتحديداً التي كانت تفرض سابقاً وجود غرف محصنة أو ملاجئ داخل الأبنية، قبل أن يلغى هذا التشريع عام 1993.

 جر الأردن للصراع

 بدوره يقول مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، إن منطقة الشرق الأوسط تشهد كثيراً من مشاريع تسابق النفوذ، وهو ما يتجلى حالياً بين إسرائيل وإيران.

وأضاف الحياري أن الأردن اختار النأي بنفسه عن هذا التصعيد، وعدم الانخراط في الصراع الإيراني الإسرائيلي، واصفاً انتهاك المجال الجوي الأردني بأنه محاولة لجر الأردن للصراع.

وأضاف الحياري "القوات المسلحة الأردنية رفعت منذ البداية الجاهزية، واعترضت الطائرات المسيرة والصواريخ التي تخترق المجال الجوي الأردني، وسلاح الجو الملكي ووحدات الدفاع الجوي، يراقبون على مدار الساعة، أي تهديد في الأجواء الأردنية".

يبرر الحياري قرار الأردن باعتراض هذه الأهداف بالقول إن المسيرات والصواريخ تعمل بتوجيه إلكتروني، مما يعرضها للتشويش، لذا قد تصطدم بأهداف مدنية، ونحن نسقط الطائرات المسيرة والصواريخ التي تنتهك المجال الجوي الأردني، وهذا أمر سيادي، ولا يمكن التغاضي عن الأجسام الطائرة في سماء المملكة، كون ذلك سيُستغل بين أطراف الصراع.

وتقول قيادة الجيش الأردني في تصريحات صحافية إن فكرة عدم اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة أثناء عبورها الأجواء الأردنية مرفوضة مطلقاً، لأنها تمثل انتهاكاً للسيادة الأردنية.

وقالت القوات المسلحة الأردنية إن هذه الطائرات والصواريخ قد تخفق في الوصول إلى أهدافها، بسبب خلل فني أو تعرضها لعمليات تشويش إلكتروني وتضليل، مما قد يؤدي إلى سقوطها في مناطق مدنية داخل البلاد، كما أن الصواريخ البالستية تتخلص من أجزائها الزائدة، مثل خزانات الوقود، فوق الأراضي الأردنية قبل وصولها إلى أهدافها.

قرار سيادي

بدوره يقول المتخصص العسكري نضال أبو زيد، إن قرار اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية هو قرار سيادي أردني بامتياز فأية دولة في العالم لديها سيادة على جوها وبرها وبحرها، والأردن طبق هذا المفهوم، على الجانبين الإيراني والإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشرح أبو زيد أن هذه الصواريخ قد لا تلتزم بممراتها ويمكن أن تسقط سقوطاً حراً على المدنيين، وبخاصة أنها تطير بطريقة قوسية وسميت بالستية لأنها تصل إلى طبقات الجو العليا.

يضيف أبو زيد "إسرائيل تعترض هذه الصواريخ بمنظومة ’ثاد‘ الأميركية على مسافة 2000 كيلومتر جواً وبمنظومة ’حيتس‘ بمسافة 1500 متر ولا يهمها في أي أجواء يكون الاعتراض، وعندما يتم تفجير هذا الصاروخ قد يسقط البدن ويحدث أضراراً لذلك الأردن يستبق كل هذا بإسقاط بعض هذه الصواريخ".

ويؤكد أبو زيد أنها ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الأردن بمنطق سيادي ففي أبريل (نيسان) الماضي حدث الشيء نفسه في أعقاب المواجهة بين إيران وإسرائيل، لأن الموقع الإستراتيجي يضع الأردن في قلب الصراع، وهو ما دفعه للإعلان بصورة رسمية عن إغلاق أجوائه أمام كل أطراف الصراع على قاعدة النأي بالنفس، كما أن تتبع الممر الجوي للطائرات الإسرائيلية أظهر أن الأجواء الأردنية لم تستخدم في قصف إيران.

قرار محسوب وليس عشوائياً

بينما يؤكد العقيد المتقاعد محمد المقابلة أن العقيدة القتالية للجيش الأردني قائمة على حفظ الأرواح وتجنيب المدنيين الأخطار، ويضيف أن إغلاق المجال الجوي يعني عسكرياً أن كل طائرة غير أردنية في الأجواء مستهدفة، موضحاً أن الرادارات الأردنية قادرة على تحديد أين ستسقط هذه الأهداف وتحديد مسارها وفق قراءات معينة من السيطرة الأرضية، لذا الأمر ليس عشوائياً، وإسقاطها بالجو يضمن تفجير كتلتها المتفجرة بالجو دون أضرار، وبخاصة أن الطيارات التي تأتي من إيران تطير على ارتفاعات قليلة جداً، وعلى رغم ذلك يمكن القول إن الأضرار البسيطة محتملة لكن أضرار عدم الإسقاط أكثر وأكبر.

رأي تقني

ويشرح المهندس معتز العطين الأمر تقنياً بعيداً من الأسباب المتعلقة بالسيادة الوطنية على الأجواء بالقول إن مرور أي جسم طائر غير مصرح به في المجال الجوي السيادي يعتبر خطراً مباشراً، لأنه لا يمكن التأكد من نواياه أو حمولته أو وجهته بصورة آنية، ويعامل على أنه خلل في سلامة المجال الجوي، مما يفرض التدخل الفوري لضمان حماية الأجواء من أي تهديد محتمل حتى لو لم يكن مقصوداً.

ويؤكد أن الصواريخ والطائرات المسيرة عرضة لتأثيرات جوية أو تقنية قد تُخرجها عن مسارها المبرمج، مثل تغيّر الضغط الجوي والرياح الشديدة أو حدوث تشويش إلكتروني، كما أن أنظمة التوجيه الداخلية قد تفقد دقتها أو تتعرض لخلل فني، مما يزيد من احتمالية الانحراف المفاجئ.

 والأسوأ من ذلك، أن هذه الأجسام تحمل شحنات متفجرة أو أجهزة استشعار لجمع المعلومات، أو مواد خطرة، لذا فإن أي سقوط غير متحكم به يتحول إلى حادثة عالية الخطورة، كذلك قد تكون بعض الطائرات المسيّرة مزوّدة بأنظمة تصوير أو جمع بيانات مما يجعل وجودها خطراً على الأمن المعلوماتي حتى دون تنفيذ هجوم.

ويضيف العطين "الهندسة الدفاعية الحديثة تعتمد على تقييم الأخطار وفق نماذج احتمالية، مثل المحاكاة المتعددة السيناريوهات وإسقاط أي جسم يُعد جزءاً من سياسة هندسية دفاعية تعرف بالاستجابة الاستباقية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير

OSZAR »