Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لينا شاماميان تحيي ليالي أسمهان الساحرة في لندن

ميوزيكال مسرحي غنائي يستعيد مسيرة المطربة المأسوية وأغانيها بفرح

لينا شماميان ستحمل الليلة وغداً ليالي أسمهان إلى لندن (خدمة الفرقة)

ملخص

في مسرحية "ليالي الأنس" تستعيد المطربة السورية الأرمنية لينا شماميان، شخصية أسمهان، صاحبة الصوت الأوبرالي اللامع، وتقدم سيرتها وأغانيها الشهيرة، في إطار ميوزيكال مشهدي، درامي وغنائي.   

يعرض الميوزيكال لليلة وغداً، 16 و17 الجاري، على خشبة مسرح "بيكوكك".

ها هي "ليالي الأنس" تحط رحالها في لندن، ولكن هذه المرة في شكل مسرحية غنائية تروي قصة امرأة استثنائية جمعت بين المجد الفني والمأساة الإنسانية. في عرض موسيقي مسرحي فريد من نوعه على خشبة مسرح "بيكوك"، تأخذنا المطربة السورية–الأرمنية لينا شاماميان في رحلة عبر الزمن مع شخصية أسمهان، الأميرة والمغنية التي ظلت أسطورتها حية على رغم أعوام الغياب.

يعرض الميوزيكال "أسمهان" في لندن يومي الـ16 والـ17 من يونيو (حزيران) الجاري، من إنتاج شركة "إي. أم برودكشن". وتسلط المسرحية الضوء على حياة الأميرة آمال الأطرش، المعروفة باسم أسمهان، وتقدم سرداً درامياً وموسيقياً ينسج بين سيرتها الذاتية وتجارب لينا الشخصية. ومن خلال هذا العرض، تسعى لينا إلى إعادة قراءة أسطورة أسمهان بنظرة معاصرة، تبرز التناقضات بين موهبة استثنائية وحياة محاطة بالظلم والوحشة.

بين الغناء والتمثيل وتعدد الهويات

لينا، الفنانة السورية الأرمنية، تعد واحدة من الأصوات الفنية المتجددة في العالم العربي. ولدت في سوريا عام 1980، وعاشت بين بلدان عدة، من تركيا إلى مصر وفرنسا، متجاوزة الحدود الجغرافية واللغوية. وتعددت تجاربها بين التمثيل والغناء، فلم تقتصر على مسارات واحدة بل حرصت على تنويع إبداعها، مما جعلها ترفض التنميط الفني وتبحث عن أصالة تعبر بها عن ذاتها العميقة.

في حديثها مع "اندبندنت عربية" على هامش البروفات، كشفت لينا أن التحدي في أداء شخصية أسمهان فاق كل تجاربها السابقة.

 تقول: "عادة عندما أمثل في المسرح ويسند إليَّ دور مغنية أو دور جارية أو سواهما، يكون الأمر مختلفاً تماماً عن أن أعيش تجربة كاملة مع مغنية سورية عظيمة. ما أعيشه مع أسمهان هو تجربة جديدة فعلاً، لكنني لا أتحول إليها وما زلت قادرة على الحفاظ على نوع من العزل بيني وبينها. لكن الحب الذي تولد داخلي تجاهها عظيم، وتعلمت منها أشياء كثيرة. تعلمت من التحضيرات وورشات العمل كثيراً، تعلمت منها في حياتي الشخصية. حياتي بعد ’أسمهان‘ ليست هي حياتي قبلها، بسبب تعرفي عليها والدور الذي لعبته واكتشافي للنقاط المشتركة بيننا وإعجابي بها، لكن بالتأكيد راحت الشخصية تسكنني منذ بدأت أقرأ عنها وأحضر للعمل".

مفاجآت غنائية 

تتحدث لينا عن تجربة البروفات المكثفة التي جمعت بين الغناء والتمثيل على نص إنجليزي، وهو ما شكل لها تحدياً في التعبير العميق بلغتها الأم "لكون النص بالإنجليزية وليس العربية، أي لغتي التعبيرية الحقيقية، فشكل هذا صعوبة نوعاً ما في أن يكون إحساسي بالإنجليزية بقوة إحساسي بالعربية. وكانت هناك مفاجآت شعورية بلحظات الموت، ما زلت أتألم وأخاف منها، على رغم معرفتي أن الأمر مجرد تمثيل، لكن عندما يوضع المرء في تجربة بهذا القرب من الموت ويمنح فرصة لتمثيله وعيش التجربة، يدفعك الأمر إلى الرغبة في العيش وحب حياتك والعطاء والإبداع التجربة أكثر. هناك عناصر آلمتني حقاً، وبخاصة إحساس أسمهان بالوحدة والظلم وهربها منهما بطرق مختلفة".

حوار داخلي مع أسمهان: أسئلة عن الغناء والحياة

تصف لينا التجربة بأنها ليست مجرد شخصية تؤديها، بل حوار داخلي مستمر مع أسطورة تحملها على عاتقها، وعندما سألتها ما السؤال الذي تودين توجيهه إلى أسمهان في حال التقيتها، أجابتني لينا بصراحة "أتمنى أن أسألها: "هل الغناء والمجد والحلم الذي حلمته كان يستحق الموت السريع؟ هل كانت هذه الحياة القصيرة كافية؟ هل أنت شخصياً كنت بخير؟" أنا أتمنى لو عاشت أسمهان أكثر وغيرت الموسيقى العربية أكثر لأنها على رغم قصر تجربتها كان لها أثر كبير عليها".

تروي لينا كيف ارتبطت بأسمهان منذ الطفولة، قائلة: "أول مرة سمعت فيها أسمهان كنت صغيرة جداً. كان من تقاليد التلفزيون السوري أن يعرض الخميس أفلاماً بالأبيض والأسود. كانت جدتي من جهة أمي عاشقة لآل الأطرش، فريد وأسمهان. وكانت جدتي جميلة جداً وتشبه أسمهان. وفي منزل جدي كانت هناك صورتان لجدتي وأسمهان وعند النظر إليهما تعتقدين أنهما أختان. كانت جدتي تطلب مني أيام الخميس ارتداء فستان جميل والاعتناء بأناقتي وتضع لي بعض المكياج، وتظهر هي بكامل حلتها لنحضر معاً فيلم الأبيض والأسود، وحين يكون العمل المختار لأسمهان يصبح الجو احتفالياً في البيت. وكانت جدتي تقوم بتحفيظي ’ليالي الأنس في فيينا‘ وتقول لي ’حين تكبرين، ستصبحين مثلها وستغنين أوبرا مثلها‘. كان الأمر منسياً بالنسبة إليَّ لفترة طويلة لكنني استحضرته لاحقاً، وتذكرت أن بعض الأحلام والمواقف الطفولية تتحول إلى حقيقة وواقع".

 هوية فنية متجددة

تقول لينا إن هذا الدور كشف لها أبعاداً جديدة في فنها، موضحة: "بالتأكيد تمثيل هذا الدور والمشاركة في هذا العمل الغنائي وتجسيد شخصية أسمهان سواء بالتمثيل أو بالغناء مهمة صعبة جداً، وبخاصة أن الوقت المتاح للتحضير كان قصيراً وليس كما كنت أتمنى. وهذه التجربة كشفت حتماً عن ملامح جديدة مني وتحديداً في الغناء الشرقي الذي لم أعتد عليه ولم يألفه جمهوري مني. التدريبات التي خضعت لها وعمليات الاستماع التي أجريتها وحتى في طبقات الصوت وتقنياته، فطريقة الغناء خلال ثلاثينيات القرن الماضي مختلفة تماماً عنها اليوم. أنا هنا أؤدي دور أسمهان، أنا لا أقدم أغنياتها بطريقتي، بالتالي هناك أمانة موسيقية معينة لا بد من الالتزام بها، وهكذا بدأت أكتشف أشياء جديدة عن نفسي للمرة الأولى على المستوى الموسيقي والتمثيلي واللغوي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لينا السورية ذات الجذور الأرمنية تتحدث عن تقاطع هوياتها مع شخصية أسمهان: "بصراحة نعم، لكوني سورية وسافرت كثيراً. أنا ولدت في سوريا لعائلة أرمنية، وأسافر كثيراً ما بين تركيا ومصر وفرنسا، إضافة إلى أنني عشت الحرب، مثلي مثل أسمهان المولودة خلال الحرب العالمية لعائلة من جبل العرب، وهي أيضاً مولودة في تركيا ثم سافرت إلى سوريا ولبنان ومصر وأوروبا، شعرت بوجود تقاطعات كثيرة. وحتى الأغنية التي ألفتها للمسرحية الغنائية، فيها جزء كبير عن ضياع الأمان في غياب الوطن، وعن فقدان الاستقرار العائلي، والإنساني. من المؤكد أن الإحساس المؤلم بالغربة يقرب الناس من بعضها، بالتالي جعلني أفهم إحساس انعدام الأمان الذي كان لدى أسمهان وشعور اللاانتماء الذي كان لديها إلى أي مكان ما عدا الموسيقى، فجأة تتحول الموسيقى والأفلام والتمثيل إلى وطن وليس مجرد مهنة".

رسالة ثقافية إلى الغرب

ترى لينا أن العمل الفني يحمل رسالة مهمة للجمهور الغربي، وتقول: "أولاً، تقديم الشخصيات الجميلة والمهمة والغنية والرائدة لدينا أمر مهم جداً بالنسبة إلي، وبخاصة اليوم في ظل وجود نظرة دونية من العالم الغربي تجاه الشرق، في حين أن الشرق أكثر ثراء بكثير. وقد يكون المجتمع الغربي أغنى مادياً، ربما يعاني أقل من التجاوزات التي نواجهها في مجتمعاتنا، لكنني ما زلت أرى الشرق أقوى بكثير، حضارياً وثقافياً، وأرى فيه شخصيات عظيمة جداً أسهمت في تغيير مجالات كثيرة. أسمهان على سبيل المثال، الأميرة التي تحولت إلى مغنية، فتحت الطريق لكثير ممن أتوا بعدها للدمج بين الموسيقى الشرقية والغربية، وهي رائدة في الغناء والموسيقى العربية وفتحت طريقاً للسيدات ودخول الغناء وغيرت التعامل مع طبقة النبلاء بأكملها. ويهمني كثيراً أن يُعرف أنه كانت لدينا تقنيات غناء مختلفة تماماً تجمع ما بين الطرب الشرقي والغناء الكلاسيكي الأوبرالي، وهو تحد كبير جداً أشبه باختبار في الغناء. الأداء الذي كانت تقدمه أسمهان بصورة فطرية كان خرافياً، وبالتأكيد كان محمد القصبجي يقوم بإسقاط الموسيقى الغربية على الغناء الشرقي. من المهم جداً بالنسبة إلي تسليط الضوء على الغنى في الحضارة الشرقية، لأن هذا الأمر يخفف الاحتقان والكراهية الناجمين عن عدم فهم حضارة الآخر".

لكن في الوقت نفسه، تخشى لينا من التفسيرات السياسية المغلوطة التي قد تحيط بقصة أسمهان، وتقول: "أخاف من الإسقاط السياسي والأبعاد السياسية على أسمهان، ببساطة لأننا لا نعرف فعلاً ما حصل. أنا صرت أحبها كثيراً، وبت أشبه بمحامية دفاع عنها. أخشى كثيراً من الاتهامات التي تثار حول طريقة وفاتها ومن كان وراء موتها أو قتلها، أخشى فكرة أن هذه الأسطورة التي نشأت في وسط الحرب أضيفت إليها أبعاد سياسية أحياناً بصورة مبالغ فيها وغير مدروسة".

وهكذا، بين الماضي والحاضر، بين الشرق والغرب، بين المسرح والحياة، تقف لينا شاماميان في قلب تجربة استثنائية تعيد من خلالها نبض امرأة غنت للحب، للحياة، وربما للوداع.

في "ليالي الأنس"، تنبعث أسمهان من جديد، لا كطيف حزين بل كصوت حي يملأ المسرح بالأسى والجمال، وبالأسئلة التي لا تزال بلا أجوبة.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون

OSZAR »