Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات البلدية في لبنان... اختبار الأحزاب والدولة

التحالفات لم تخرج عن المألوف وانسحاب "تيار المستقبل" يترك تأثيره في المناطق السنية وعدد المرشحات يفوق التوقعات

تعد الامتحان الأول الملموس لحجم التمثيل للقوى السياسية ومدى محافظة الأحزاب والتيارات على تأثيرها (أ ف ب)

ملخص

على رغم طابعها الإنمائي وتغليب الاعتبارات العائلية على السياسية في كثير من القرى والبلدات والمدن، فإن الانتخابات البلدية والاختيارية التي تأتي قبل عام على الانتخابات النيابية المتوقعة في 2026، تعد الاختبار الأول الملموس لحجم التمثيل للقوى السياسية ومدى محافظة الأحزاب والتيارات على قدرتها التحشيدية بعد التغييرات والتحولات التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ عام وحتى اليوم.

بعد تسع سنوات على آخر انتخابات بلدية واختيارية، تبدأ الأحد في الرابع من مايو (أيار) المرحلة الأولى من هذا الاستحقاق الذي سيحصل تباعاً في كل المناطق اللبنانية على أربعة مراحل. وتشكل هذه الانتخابات محطة مهمة في استعادة الحياة الديمقراطية واختباراً حقيقياً لمدى قدرة الدولة على ممارسة دورها الإداري والتنظيمي والقضائي والأمني في الاستحقاقات الديمقراطية المماثلة.

وعلى رغم طابعها الإنمائي وتغليب الاعتبارات العائلية على السياسية في كثير من القرى والبلدات والمدن، فإن الانتخابات البلدية والاختيارية التي تأتي قبل عام على الانتخابات النيابية المتوقعة في 2026، تعد الاختبار الأول الملموس لحجم التمثيل للقوى السياسية ومدى محافظة الأحزاب والتيارات على قدرتها التحشيدية بعد التغييرات والتحولات التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ عام وحتى اليوم.

 

وعلى رغم تحالفات لم تخرج عن المألوف بين الأحزاب السياسية كتحالف حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، وتحالف الثنائي "أمل" و"حزب الله"، كان لانسحاب "تيار المستقبل" من الاستحقاق تأثيره خصوصاً في القرى والبلدات والمدن ذات الأغلبية السنية. في المقابل كان لافتاً في كثير من المدن والبلدات تجمع العائلات مع الأحزاب، واعتماد حجم التمثيل لفرض عدد الأعضاء في المجالس البلدية والاختيارية، مقابل بروز وجوه جديدة ومجموعات مستقلة تسعى لتحدي القوى التقليدية. كما كان لافتاً أيضاً حجم عدد المرشحات النساء في أغلبية المناطق، والذي فاق التوقعات.

لا شيء تبدل

يعتبر المتخصص في شؤون الانتخابات ومؤسس ومدير "ستاتيستيكس ليبانون" ربيع الهبر، أن "الانتخابات البلدية والاختيارية بعد انقطاع دام تسع سنوات تشكل استعادة للحياة الديمقراطية، لكن للأسف التجدد المنتظر لم يحصل والتقليد بقى، والطريقة هي نفسها، والأحزاب والقوى لم تتبدل".

الانتخابات البلدية، بحسب الهبر، عمل إنمائي ويجب أن تكون بعيدة من السياسة، وعلى الأحزاب أن تتخذ قراراً بعدم التدخل بهذا الاستحقاق للحفاظ على طابعه الإنمائي، وبدلاً من الاتيان بمجلس بلدي بمعايير تستند فقط إلى الأحجام والأوزان والعائلات الإقطاعية، يجب اختيار شباب على أساس قدراتهم وطاقاتهم وكفاءتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر أن المعيار المعتمد حتى الآن في تشكيل اللوائح المتنافسة هو المحاصصة بحسب الأوزان بدلاً من اختيار الكادرات الفاعلة. ويصوب باتجاه الأحزاب، معتبراً أنها هي التي تفاوض وتفرض إدارتها للمعارك الانتخابية، وهذا برأيه خطأ تقني.

ويشدد الهبر على نزاهة الانتخابات هذه المرة، ويتحدث عن غياب عامل المال مقارنة مع انتخابات عام 2016، إذ بات مقلصاً نتيجة الأوضاع الاقتصادية. معتبراً أن المعارك الانتخابية في هذه الدورة واضحة المعالم نتيجة الفرز الواضح للقوى السياسية والتحالفات المبنية على الأحجام، ويضيف "ربما تعلموا من تجربة 2016 ليصححوا التحالفات التي تضمن فوزهم".

ولا ينفي الهبر وجود بعض التحالفات الغريبة كتحالف "التيار الوطني الحر" مثلاً مع "العدو اللدود" في السياسة النائب السابق فارس سعيد في بلدة تنورين، ويشير إلى أن هذه التحالفات تستند إلى معايير عائلية في أغلبية القرى والبلدات.

ماذا تقول الأحزاب؟

تخوض حركة "أمل" الانتخابات البلدية والاختيارية مع "حزب الله" بلوائح مشتركة في معظم القرى والبلدات في الجنوب والبقاع ذات الأغلبية المؤيدة للثنائي وكذلك في بيروت. ويوضح النائب علي خريس من كتلة "التنمية والتحرير" النيابية للحركة، أن الاستحقاق البلدي والاختياري هو استحقاق دستوري، وأن الهم الأساسي بالنسبة إليهم هو التوافق بين العائلات، ويكشف أن العمل جار لتشكيل لوائح مدعومة من الثنائي مع مراعاة خصوصية العائلات في كل قرية وبلدة، موضحاً أن هناك ثغرات ونقاط ضعف أظهرتها تجربة 2016 يجري العمل على عدم تكرارها، خصوصاً لجهة اختيار طاقات وأصحاب علم واختصاص، كون المجلس البلدي عبارة عن حكومة مصغرة داخل البلدة، كما أن هناك تركيزاً على تفعيل تمثيل العنصر النسائي.

 

ويوضح خريس أن دورهم يقتصر على تقديم النصائح والدفع باتجاه اختيار الأسماء وفق مواصفات محددة لها علاقة بالثقافة والزراعة والصحة والإدارة. أما عن السياسة في الانتخابات البلدية والاختيارية فيعترف نائب قضاء صور أن التحالف بين "أمل" و"حزب الله" قائم على مستوى كل لبنان، "لكن هذا لا يعني أن هناك تقاسماً بين الثنائي على البلديات والمخاتير، وإنما نقف عند قرار العائلات ونبحث عن الطاقات الموجودة في القرية أو البلدة، وهناك تواصل مع أحزاب أخرى مثل الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي".

من جهته يوضح عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم، أن حزب "القوات اللبنانية"، المتحالف مع حزب "الكتائب" في كل لبنان، يخوض الاستحقاق البلدي والاختياري من منطلق إنمائي وأيضاً تمثيلي، ويشرح أن لكل منطقة ومدينة خصوصيتها، ولا تكتسب كل المعارك بالضرورة طابعاً سياسياً. ويسعى حزب "القوات"، وفق كرم، إلى التفاهم مع عدد من الأطراف والفعاليات التي يمكن أن يلتقي معه على المفهوم الإنمائي والسياسي للتعبير بشكل حقيقي عن رأي الناس.

ويؤكد كرم أن الانتخابات هذه الدورة تختلف عن عام 2016، لأن الوضع في البلد مختلف، معتبراً أن التحولات الكبيرة التي حصلت وسقوط السلطات السابقة الفاسدة التي كانت تحكم والمتعاونة مع الدويلة المتمثلة بـ"حزب الله"، لا شك سيكون لها تأثيرها، وأن الوضع التمثيلي في البلديات سيكون مختلفاً.

ويعترف كرم بأن هناك عوامل كثيرة تفرض نفسها على الانتخابات البلدية والاختيارية، وهي شخصية وعائلية في كثير من الأحيان، وحزب "القوات اللبنانية" يأخذ بعين الاعتبار هذه الأمور.    

تأثير الحرب

لا يرى المتخصص في شؤون الانتخابات ربيع الهبر، أي رابط بين الانتخابات البلدية والنيابية، ويعتبر أن الأولى لا تؤسس للثانية بمعنى أن تكون الاختبار لحجم تمثيل القوى السياسية، مستبعداً أن تشهد الانتخابات البلدية تراجعاً لأحزاب على حساب أخرى.

ويؤكد أن "التيار الوطني الحر" الذي بات خارج السلطة لا يزال يحافظ على حجمه في بعض البلدات مثل جونية في منطقة كسروان وفق الدراسات الإحصائية الأخيرة. موضحاً أن حزب "القوات اللبنانية" يفاوض من موقع القوة، ويفرض الأحجام التي يريدها في معظم البلديات واتحادات البلدية، استناداً إلى حجمه النيابي في البرلمان، وكذلك الوزاري في الحكومة الحالية.

من جهته يؤكد النائب القواتي فادي كرم، أن القوات اللبنانية مرتاحة لحجم التمثيل الذي تتمتع به في عددٍ من المدن والقرى والبلدات على امتداد كل لبنان، خصوصاً حيث تغلب السياسة على الأجواء الانتخابية، ويعتبر أن الانتخابات البلدية تعطي إشارة للانتخابات النيابية لجهة الأحجام والتمثيل الشعبي، لكنها ليست طبق الأصل لأن البلديات لها خصوصيتها، حيث تتداخل الأمور الشخصية والعائلية والحزبية والإنمائية والسياسية.

 

ويضيف أن الانتخابات البلدية يمكن أن تكون مؤشراً أولياً لحجم التأييد لكل حزب أو تيار سياسي، لكن لا يمكن الأخذ به وكأنه التمثيل النهائي.

وتكشف معلومات أن شخصيات وقوى معارضة داخل البيئة الشيعية تتحضر بعيداً من الأضواء لخوض الانتخابات البلدية والاختيارية، إما من خلال دعم مرشحين محليين محسوبين عليهم، أو عبر الترشح الفردي المباشر في قراهم، وسط الرهان على كسر أحادية قرار الثنائي الشيعي تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة.

من جهته يجزم نائب حركة "أمل" علي خريس، بأن المزاج الشعبي المؤيد للثنائي لم يتبدل، ويرى أن الانتخابات البلدية تختلف تماماً عن الانتخابات النيابية، وينفي أن يكون الاستحقاق البلدي مؤشراً للتمثيل النيابي، أو أن يكون مزاج الناس قد تبدل نتيجة الحرب الأخيرة.

ويحسم خريس بأن التأييد الشعبي لحركة "أمل" لم يتراجع، ولكن واقع الجنوب نتيجة القرى المدمرة سيكون له تأثير لجهة حجم المشاركة بفعل تشتت أبناء البلدات الذين لا يملكون منازل للعودة إليها. وواقع هذه القرى يختلف عن الواقع الذي كان في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، "هناك وضع جديد، لكن ذلك لا يعني أن مزاج الناس تبدل سياسياً"، بحسب رأيه.

ويشدد على أن الأغلبية لا تزال منسجمة مع طروحات ومواقف حركة "أمل". ويجزم أن الحركة ستحافظ على حجم تمثيلها في الاستحقاق البلدي والاختياري، ولن يتراجع عدد البلديات التابعة لها، ويستبعد أي خرق للوائح المدعومة من قبل "أمل" و"حزب الله".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير

OSZAR »