ملخص
تكشف مصادر أوكرانية لـ"اندبندنت" أن القوات الكورية الشمالية المشاركة في المعارك تتمتع بشراسة قتالية استثنائية واستعداد للتضحية بحياتهم لتجنب الأسر، وسط توقعات بتصعيد عسكري جديد على جبهة كورسك.
علمت "اندبندنت" بأن الجنود الكوريين الشماليين الذين يساندون جيش فلاديمير بوتين في القتال يظهرون التزاماً شديداً ووحشية وتصميماً على قتل أنفسهم بدلاً من الوقوع في الأسر.
وفي التفاصيل، كشف مصدر عسكري أوكراني على معرفة مباشرة بهؤلاء الجنود تفاصيل فجة وصادمة، تظهر ما قد يفعلونه وما قد يخوضونه من تحديات مستحيلة لتجنب الأسر.
واللافت أنه منذ انتشار خبر وجود جنود قادمين من كوريا الشمالية في روسيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، اقتصر عدد الأسرى الأحياء بينهم على اثنين، وسط تباين في المزاعم الأوكرانية حول الحجم الهائل للخسائر في أرواح هؤلاء الكوريين الذين تحالفوا مع الروس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مقاطعة سومي شمال أوكرانيا، أفاد مصدر عسكري رفيع فضل عدم الكشف عن اسمه أن إصرار أحد الأسيرين على عدم القبض عليه دفعه إلى محاولة عض معصميه (وقطع شرايينه بأسنانه) بعد تعرضه للإصابة في منطقة كورسك.
وزعم المصدر أن الجندي الثاني اندفع نحو عمود تلغراف من الأسمنت (وصدم رأسه به) عندما شعر بأن خطر الأسر يداهمه.
وشرح قائلاً "في البداية، لم يدرك أن الجنود الأوكرانيين يطوقونه من كل صوب. لكنه ما إن أدرك أنهم يوشكون على الإمساك به، حتى اندفع راكضاً باتجاه عمود أسمنت (هو في الواقع عمود تلغراف)، وضرب رأسه به بكل ما أوتي له من قوة، محاولاً الانتحار".
وتبين أن الشاب اسمه لي جونغ نام، وأنه رقيب من بيونغ يانغ يبلغ من العمر 25 سنة. وكان قد أفيد بداية أنه أصيب في فكه أثناء القتال، لكنه عاد وأخبر المحققين بأنه كان ضمن سرية استطلاع مسلح. وقال أيضاً، بتأكيد لاحق من مصادر عدة، إنه كان من بين قلة قليلة من الجنود الذين نجوا من هجوم حصل في الثامن من يناير (كانون الثاني) الجاري.
وحسب المزاعم، فلقد أخبر أن جميع الضباط في فرقته قتلوا، وأنه الناجي الوحيد ضمن سرية مكونة من 20 جندياً. وقال المصدر إن الكوري الشمالي الآخر وضع في الحجز الأوكراني، حيث بدأ في إيذاء نفسه.
وأضاف بالقول: "عندما نقل هذا الشاب إلى كييف وفتشه عنصر من القوات الخاصة، وجد في حيازته شفرة صغيرة محاكة داخل سرواله".
وتابع "لقد سبق أن رأينا مقاطع فيديو التقطتها مسيراتنا، تظهر كيف أن هؤلاء الجنود القادمين من كوريا الشمالية يفضلون الانتحار على الوقوع في الأسر. أما السبل الأكثر شيوعاً لإقدامهم على ذلك، فهي إما الانتحار عبر تفجير قنابل رمانية بحيازتهم، أو إطلاق النار على أنفسهم. ولا نعرف ما الذي يدفعهم إلى القيام بذلك، لكن كل كوري [شمالي] أسرناه حياً حاول وضع حد لحياته".
لقد وصلتنا هذه المزاعم من مصدر مستقل موثوق به في الجيش الأوكراني لا يؤدي أي دور في جهود الدعاية الأوكرانية. كذلك لم تكن المقابلة مع "اندبندنت" جزءاً من أي زيارة إعلامية مخططة مسبقاً.
في سياق متصل، يتفاوت العدد المعلن للكوريين الشماليين الذين لقوا مصرعهم في روسيا، رهناً بالمصدر الذي يقدم الإحصاءات. فبينما يقدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العدد بنحو 3 آلاف قتيل، يزعم مسؤولون في الغرب أن 1000 جندي فقط من كوريا الشمالية لقوا حتفهم في القتال.
وتعتبر أرقام الخسائر مشكوكاً فيها في أفضل الأحوال، وجزءاً من محاولة يبذلها الطرفان المتحاربان وحلفاؤهما لصياغة رواية الحرب. لذا فإن تصوير الكوريين الشماليين على أنهم متعصبون في سلوكهم قد يكون جزءاً من محاولة لتشويه صورتهم، باعتبارهم "لا يفكرون" أو "مغسولي الأدمغة".
لكن المصدر أكد أمراً واحداً، وهو احترافية الكوريين الشماليين وشراستهم في القتال، حتى إن الجنود الأوكرانيين صعقوا حيال الوحشية التي أظهرها هؤلاء الكوريون الشماليون في المعارك.
وقال "إنهم أفضل الجنود الذين أرسلهم الروس لمحاربتنا حتى الآن، فهم يتمتعون بدوافع قوية ومدربون تدريباً جيداً ويتسمون بالوحشية"، مضيفاً أنه يستعان بهم كجنود للمهام المفاجئة، إذ يخترقون خطوط الدفاع في أجزاء مقاطعة كورسك الروسية التي احتلها الأوكرانيون.
وبحسب المصدر العسكري، يعتقد الأوكرانيون أن كوريا الشمالية أرسلت نحو 3 آلاف جندي من القوات الخاصة، في حين أن ما تبقى من العديد هم جنود نظاميون خضعوا جميعاً لتدريب جيد.
بيد أن هؤلاء الجنود يفتقرون إلى الخبرة الميدانية، وغالباً ما تكون مهاراتهم التكتيكية دون المستوى المطلوب – لذا تسهل مهاجمتهم أثناء تقدمهم عبر الخطوط الدفاعية البرية، ويتكبدون خسائر فادحة في صفوفهم خلال تنفيذ العمليات.
وفي أوكرانيا، تدفع مكافآت مالية للجنود، في حال نجحوا في أسر جنود أو مصادرة تجهيزات أو تحقيق أي نجاحات أخرى.
لكن المفاجأة كانت عند الاطلاع على أحوال الجنود القادمين من كوريا الشمالية، إذ تبين أنهم لا يتقاضون، على ما يبدو، أي مبالغ مالية إضافية مقابل المخاطرة بحياتهم. وفي هذا السياق، قال الأسيران للمحققين: "لا تدفع لنا أي مكافآت مالية، ونحن لم نكن نريدها، في حال نجحنا، فسنعود إلى كوريا الشمالية كأبطال".
ولفت المصدر إلى أن كل وحدة كورية شمالية (من نحو 120 جندياً) فيها سبعة جنود روس يعطون التعليمات لحلفائهم.
وتنفذ هجمات الكوريين الشماليين بمشاركة ما بين 600 و700 جندي في المرة الواحدة، مع قلة قليلة من الجنود الروس بينهم.
وقال المصدر في هذا السياق: "إنه عدد هائل ومهيب من الجنود المرسلين للمشاركة في هجوم واحد".
استطراداً، دعم المصدر مزاعم زيلينسكي في شأن الخسائر الفادحة في الأرواح، مؤكداً وجود أدلة تشير إلى انسحاب جنود كوريا الشمالية من الخطوط الأمامية – أقله في الوقت الراهن. لكنه أقر في موازاة ذلك بأن الجنود الأوكرانيين تكبدوا بدورهم خسائر جسيمة ودفعوا ثمناً باهظاً جراء عملية كورسك.
وفي هذا السياق، تشير التقديرات الأوكرانية إلى أن عدد الجنود الروس، المدعومين والمعززين بقوات كوريا الشمالية، يصل إلى نحو 60 ألف جندي في منطقة كورسك.
وتسود مخاوف كبيرة من إقدام روسيا على حشد قواتها لشن غزو على أوكرانيا، انطلاقاً من منطقة قريبة من كورسك – في محاولة منها لتوسيع خطوطها الأمامية وربما تهديد العاصمة كييف في نهاية المطاف. ودعماً لهذه الفرضية، وردت أخيراً تقارير عن إرسال دفعة إضافية من جنود قادمين من كوريا الشمالية إلى روسيا.
وفي الآونة الأخيرة، خفتت ظاهرياً وحشية الهجمات الروسية، مع تسجيل انخفاض ملحوظ في عدد الآليات المدرعة التي يستخدمها الجانب الروسي، وملاحظة تراجع في حدة القصف.
وقد تعتبر هذه التطورات مؤشراً إلى فشل محاولات إخراج الأوكرانيين من كورسك – أو ربما دليلاً على إعادة حشد القوات الروسية والكورية الشمالية، استعداداً لشن هجوم جديد أكثر شراسة.
يتناول هذا المقال محاولات انتحار. وإن كنت تشعر بالاضطراب، أو كان يصعب عليك التأقلم مع الأوضاع، يمكنك التواصل سراً مع مؤسسة "ساماريتانز" Samaritans على الرقم 116 123 (في المملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا)، أو إرسال بريد إلكتروني إلى [email protected]، أو زيارة الموقع الإلكتروني للمؤسسة للحصول على تفاصيل الفرع الأقرب إليك.
وإن كنت مقيماً في الولايات المتحدة واحتجت، أنت أو أي شخص تعرفه، إلى مساعدة طارئة في مجال الصحة النفسية، يمكنك الاتصال أو إرسال رسالة نصية إلى الرقم 988، أو زيارة الموقع 988lifeline.org للاستفادة من خدمة الدردشة عبر الإنترنت مع خط المساعدة 988 Suicide and Crisis Lifeline. إن هذه الخدمة مجانية وسرية، وهي متاحة للجميع على مدى الساعة وطوال أيام الأسبوع. أما إن كنت في بلد آخر، فيمكنك زيارة موقع www.befrienders.org للعثور على خط مساعدة قريب منك.
© The Independent