Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معضلة نتنياهو في اليوم الذي يلي صفقة "أجنحة الحرية"

تتصاعد أصوات داخل إسرائيل تطالب بالعودة للقتال في ظل خشية موقف ترمب

تظاهرة لأهالي الرهائن المتبقين في غزة بتل أبيب، الإثنين 20 يناير الحالي (أ ف ب)

ملخص

ستتوصل الأطراف خلال مفاوضات المرحلة الثانية إلى وقف مستدام للنار وإنهاء الحرب في غزة، ويفرض هذا الوضع على إسرائيل التخطيط في كيفية إدارة هذه المفاوضات ووضع خطة لليوم التالي في غزة والجهة التي ستديرها، على رغم أن أصوات اليمين مدعومة بأمنيين وعسكريين ووزراء حتى من حزب الـ "ليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، تدعو إلى إبقاء الجيش في غزة.

لم يتوقع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن يصطدم وهو يترقب مع الوفد المفاوض ووزراء ومسؤولين أمنيين بأعصاب وأنظار مشدودة كبقية الإسرائيليين لمشاهدة الأسيرات الثلاث للمرة الأولى بعد 471 يوماً من الأسر، بمشهد عناصر "حماس" ينفذون أول يوم من صفقة الأسرى وهم يسيطرون على الشارع الغزي شاهرين سلاحهم وسط المئات.
وهيمن المشهد على أجندة الإسرائيليين وأدخل رئيس الحكومة بمعضلة حقيقية في ظل نقاش عقيم حول وضع إسرائيل في غزة بعد صفقة الأسرى، إذ اعتبر سياسيون وأمنيون أن "حماس" رسمت المشهد ليكون رسالة لإسرائيل بأنها لم ولن تتمكن من تقويضها والقضاء على مقاتليها وجعل غزة من دونها، ليس في الحكم فقط وإنما في الميدان أيضاً، وهو مشهد استيقظ نتنياهو اليوم الإثنين على تداعياته وارتفاع الأصوات الداعمة للعودة للقتال، بما يناقض الرغبة في عدم إفشال الصفقة التي يفترض أن تبدأ في يومها الـ 16 المفاوضات على المرحلة الثانية، أي المرحلة التي سيعود فيها آخر إسرائيلي أسير لدى "حماس"، على أن يعلن رسمياً إنهاء الحرب في غزة، وهو وضع يدرك نتنياهو ألا مناص منه، خصوصاً مع وجود الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، إذ أجمع سياسيون وأمنيون أن نتنياهو لا يستطيع تحديه كما تصرف مع الرئيس السابق جو بايدن، وكما قال الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات العسكرية "نتنياهو يخاف من ترمب ولا نقاش في ذلك".

الثمن الباهظ للصفقة

وجاء تنفيذ تهديد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالانسحاب من الحكومة مفاجئاً لأوساط سياسية وجماهيرية عدة، فهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها لكنه لم ينسحب، وعلى رغم أن انسحابه لن يسقط الحكومة لكن بالنسبة إلى نتنياهو فالخوف من أن يحذو زميله اليميني المتطرف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حذوه وينفذ تهديده بالاستقالة إذا لم تعد إسرائيل للقتال في غزة بعد تنفيذ صفقة الأسرى.

ونتنياهو ومقربوه كبقية الإسرائيليين يدركون أن نتنياهو وافق على الصفقة جراء ضغوط ترمب ومبعوثيه، وهو يعلم أن قبولها يضع حكومته أمام خطر الانهيار لكنه وجد منفذاً للبدء فيها بتقديم ضمانات أميركية، ومن حكومته لسموتريتش بتنفيذ مخططاته الاستيطانية في الضفة الغربية، لكن وزير المالية لم يكتف بذلك بل أصر امام أصوات اليمين المتعالية وبعد استقالة بن غفير على ضمانة العودة للقتال في غزة، وحصل على وعد بذلك من نتنياهو في صياغة تعكس معنى أن العودة للقتال ستحدث إذا ما خرقت "حماس" الاتفاق.

وحتى يعزز نتنياهو الطمأنة لدى سموتريتش فقد سمح بتوزيع وثيقة على الوزراء كشفت فيها إسرائيل عن العمق الإستراتيجي والسياسي من إعادة الأسرى، إذ عرضت صورة معقدة جداً لإعادة من بقي من الأسرى الإسرائيليين في غزة وتطرقت أيضاً إلى الإنجازات العسكرية، وفيها تشدد إسرائيل على الثمن الباهظ الذي دفعته في هذه الصفقة، ولكن أضيف في هذا الجانب أن الأجهزة الأمنية أيدت الصفقة تأييداً كاملاً في ظل التشديد على الإصرار على العودة للقتال عند الحاجة.


تهديدات إيران وأذرعها

والوثيقة التي أبدى مقربون من سموتريتش عدم رضاهم عنها لعدم حسمها العودة للقتال تطرقت أيضاً إلى كيفية تعامل إسرائيل مع التهديدات من قبل الحوثيين في اليمن وإيران و"حزب الله" و"حماس" وغيرهم، والتي توضح فيها أنها ستواصل القتال في الشمال والضفة، وسوريا حفاظاً على أمن مواطنيها، ويرى أمنيون أن كل وعود نتنياهو لإبقاء سموتريتش في حكومته ما هي إلا جرعة تخدير له، وأن المشكلة هي أن إسرائيل وإدارة ترمب على السواء أعلنتا رسمياً أن شرط عدم العودة للقتال هو وقف حكم "حماس" في القطاع وتجريدها من السلاح، بينما تعارض الحركة ذلك وتريد أن تبقى في الحكم، وفي الأفق القريب لا يبدو أن هناك طريقاً لتربيع الدائرة.

ويضيف مسؤول سياسي أن سموتريتش نفسه يدرك ذلك لكنه ونتنياهو ينتظران التطورات في صفقة الأسرى وكيفية إدارة المفاوضات في اليوم الـ 16 منها حول المرحلة المقبلة، آملين أن تكون "حماس" عقبة أمام تنفيذها.

ووفق الصفقة فستتوصل الأطراف خلال مفاوضات المرحلة الثانية إلى وقف مستدام للنار وإنهاء الحرب في غزة، إذ يفرض هذا الوضع على إسرائيل التخطيط في كيفية إدارة هذه المفاوضات ووضع خطة لليوم التالي في غزة والجهة التي ستديرها، على رغم أن أصوات اليمين مدعومة بأمنيين وعسكريين ووزراء حتى من حزب الـ "ليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، تدعو إلى إبقاء الجيش في غزة وتعتبر انسحابه كلياً أمام ما كُشف، ليس فقط مشاهد تحرير الأسيرات الإسرائيليات في قلب غزة وإعادة انتشار "حماس"، وإنما أيضاً التقارير التي تقول إن الحركة أعادت تعبئة صفوفها بمئات الشباب الغزي الذي بدأ التدريبات العسكرية، إضافة الى إعادة تعزيز قدراتها الصاروخية والعسكرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أصوات متعارضة

ومع ذلك وأمام الأصوات الداعية إلى وقف الصفقة والعودة للقتال لا تزال أصوات أمنيين وسياسيين وقاعدة جماهيرية واسعة تنادي بإنهاء هذه المرحلة من الصفقة وعدم الانتظار حتى الأسبوع الثالث منها لبدء مفاوضات المرحلة المقبلة، والبدء بصورة فورية في المفاوضات وضمان إعادة جميع الأسرى.

ويؤكد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الجنرال احتياط عاموس مالكا أن الوضع ليس سهلاً تجاه غزة، ولكن "بعد 14 شهراً وبعد الفرحة التي شاهدناها في عيون الأسيرات الثلاث وعائلاتهن والحزن بين عائلات الأسرى الذين ما زالوا في غزة ولم يعرفوا ما إذا كانوا بين القتلى أو أحياء، وينتظرون نهاية المرحلة المقبلة، يُوجب على إسرائيل أن تقرر فوراً الاستمرار بالصفقة حتى عودة آخر أسير وجميع الجثث من غزة".

وناقش مالكا أولئك الذين يطرحون الأخطار التي قد تواجهها إسرائيل بعد تنفيذ الصفقة ومن بينهم جنرالات سابقون وأمنيون، قائلاً إنه "لا يوجد حل خال من الأخطار ولن يكون حتى لو جاء بعد عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، فالأخطار ستبقى موجودة وهي أيضاً تهدد أمن إسرائيل، ولذلك يجب الدعم الكامل لاستمرار الصفقة ووقف الحرب".

وبحسبه فإن "أمام إسرائيل فرصة إستراتيجية ستقابلها ضغوط من الولايات المتحدة، ونحن لا نعلم كيف سيتعامل معنا ترمب وقيوده السياسية للحكومة، وعليه تقف حكومة نتنياهو أمام تحد حقيقي لتختار إذا ما كانت ستتماشى مع التحديات أو مع الفرص المتوافرة اليوم، أم أنها ستختار الاعتبارات السياسية للائتلاف الحكومي في اتخاذ قراراتها".


لغة القوة

وما بين مشاعر فرح الأسيرات العائدات وعائلاتهن وأمل من ينتظر تحرير مزيد من الأسرى خلال الأسابيع المقبلة، وبين عدم حسم حرب "طوفان الأقصى" لا في غزة ولا لبنان بالقضاء على قدرات "حماس" و"حزب الله" العسكرية، يدخل نتنياهو إلى أكثر الفترات خطورة وصعوبة في حياته السياسية، فبعد 14 شهراً من الحرب وتهديداته باستمرار القتال حتى النصر المطلق، تؤكد مختلف التقارير الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في حسم المعركة وأن إسرائيل ستكون مضطرة إلى الانسحاب من الجبهتين، وإن كان لديها الشكوك في أن الخطر على أمنها وأمن سكانها سيعود خلال فترة قريبة.

وتوجه الخبير في شؤون الشرق الأوسط والذي خدم سابقاً في وحدة الاستخبارات "8200" وصاحب المواقف اليمينية الداعمة للحرب البروفسور إيال زيسر، إلى متخذي القرار بقوله إن على إسرائيل "الاعتراف بأنه على رغم الوعد بالنصر المطلق فقد نجا 'حزب الله' و'حماس' من الحرب وإن كانا تلقيا ضربة شديدة، لكن ثمة خوف من أن يعملا على ترميم قوتهما وأن يعودا ليشكلان تهديداً على إسرائيل".

واعتبر زيسر أن الوضع فشل على المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل "خلال إدارة المعركة بتفويتهما الفرصة بهزيمة العدو خلال شهور القتال الطويلة"، معتبراً أن الرئيس ترمب هو "الروح الحية من خلف تحقيق الصفقة بعد أن توعد كل الجهات ذات الصلة، وليتبين أنه قصدنا نحن أيضاً بالجحيم إذا لم تتحقق".

وقال زيسر مهدداً إن "الطريق من نهاية الحرب في غزة إلى السلام على الأرض في الشرق الأوسط مليئة بالعراقيل في ما سيحصل في غزة ولبنان خلال اليوم التالي للحرب وما سيكون عليه المشروع النووي لإيران، وحتى نتغلب على هذه العراقيل في منطقتنا فعلينا اتخاذ قرار عبر التهديدات واستخدام القوة، وليس من خلال الاغراءات والوعود بالازدهار الاقتصادي".

وبرأيه فإن الرئيس الأميركي الجديد "قد يبدو ويُسمع مهدداً لكن في منطقتنا يعرفون القراءة بين السطور، ويخيل إلينا أن رسالته ورسالة نائبه فانس ووزير أمنه مليئة بحرارة العناق لإسرائيل، لكنهم في الوقت نفسه يطلقون رسالة واضحة بأن حذار على الولايات المتحدة التورط في حرب داخل الشرق الأوسط، بمعنى أن ليس لإدارة ترمب رغبة أو مصلحة في العمل عسكرياً لا في سوريا ولا اليمن ولا في إيران أيضاً".

وبرأيه فإن ما فهمه "حزب الله" في لبنان تفهمه الآن "حماس" في غزة وسيفهمه الإيرانيون أيضاً، فترمب يهدد لكنه لا يعتزم العمل، وبدلاً من هذا فقد كانت وجهته هي الاتفاقات والتسويات، وأولاً وقبل كل شيء الاتفاق مع إيران في كل ما يتعلق بمشروعها النووي، ويضيف زيسر متوجهاً إلى متخذي القرار في إسرائيل أنه "يجب استنتاج خفض الرأس والانتظار إلى أن يمر الغضب".

وعلى عكس توقعات نتنياهو والمؤسسة العسكرية، فبرأي زيسر أن "حماس" لن تخرق اتفاق وقف النار بل ستعمل على ترميم قوتها العسكرية واستعادة سيطرتها على السكان، أما في لبنان فسيعمل "حزب الله" على الإبقاء على السلاح الموجود تحت تصرفه، والدليل على ذلك، بحسب زيسر، هو أن "الجيش اللبناني لم يصادر أي صاروخ حتى الآن لا جنوب الليطاني ولا شماله".

وزيسر كغيره من السياسيين والأمنيين الإسرائيليين يرى أن "الوضع الأفضل لإسرائيل اليوم هو الاستعداد للوضع الجديد وأن تتعلم من فشلها في هزيمة 'حماس' و 'حزب الله' خلال الـ 15 شهراً الأخيرة، وأن تستوعب قواعد اللعب التي يمليها الأميركيون عليها وتجد السبيل الذي يدمج بين خطوات سياسية وعسكرية ويسمح بمنع عودة التهديد من غزة ولبنان".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات

OSZAR »